أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الخسف بالمغرب -راجع الحديث في آخر الموضوع السابق- وأولى مكان بالخسف في الغرب هو أمريكا، وهناك أثر يشير إلى ذلك، ففي صحيح مسلم عن أبي نضرة قال: كنا عند جابر بن عبد الله فقال: يوشك أهل العراق أن لا يُجبَى إليهم قفيزٌ ولا درهم، قلنا: من أين ذاك؟، قال: من قِبل العجم يمنعون ذاك، ثمَّ قال: يوشك أهل الشام أن لا يُجبَى إليهم دينارٌ ولا مدى، قلنا: من أين ذاك؟، قال: من قِبل الروم.
وهذا إشارة إلى حصار العراق من قِبل العجم ثمَّ حصار الشام ويكون من الروم وهم أوروبا ولعلّ ذلك بسبب القتال على جبل الذهب أو بسبب فساد السفياني في الشام، وفي هذا إشارة إلى انتهاء تأثير أمريكا ومجلس الأمن وهيئة الأمم، ولعلّ هذا أن يكون بسبب مرور كويكب العذاب الذي تشير التوقعات إلى أنّ تأثيره المدمّر يكون في شهر ربيع 1424 حيث تنطلق موجة عارمة من البراكين والزلازل العنيفة والخسوف والفيضانات والعواصف والأعاصير المدمّرة والقذف من السماء، هذه توقعات المحللين عن آثار اقتراب هذا الكوكب من الأرض، ونتوقع أن يتسبب في خسف عظيم بالمشرق وخسف عظيم بالمغرب (والغالب أن يكون في أمريكا) وانحسار الفرات عن جبل الذهب وبذلك تبدأ أشراط الساعة الكبرى إن شاء الله سبحانه وتعالى.
وهذا الكوكب له ذنب عظيم وأقمار ذات ذنب فهل هو نفسه الكوكب ذو الذنب الذي ذكره ابن عباس رضي الله عنه؟ فعن بن أبي مليكة قال: غدوت على بن عباس رضي الله عنهما ذات يوم فقال: (ما نمت البارحة حتى أصبحت) قلت: لم؟ قال: (قالوا طلع الكوكب ذو الذنب فخشيت أن يكون الدجال قد طرق) قال الحاكم والذهبي صحيح على شرط البخاري ومسلم، وهذا يدلّ على أنّ طلوع هذا الكوكب علامة على قرب خروج الدجال.
وقد قرأت سابقًا (منذ سنوات عديدة) خبرًا ذكر فيه خبراء الجيلوجيا والزلازل أنَّ أمريكا تخزن تحتها طاقة زلزالية عظيمة ستنطلق يومًا على شكل زلزال عظيم يقسمها نصفين بينهما أخدود عظيم، ثم لم أسمع هذا الخبر مرّة أخرى بما يوحي بأنه قد تم كبته، ثم إنَّني قرأت عن رؤيا (منذ بضعة أشهر) تم تفسيرها بأنَّ أمريكا ستتعرّض لزلزال شديد يقسمها أجزاءً بينها أخاديد، وقبل قراءتي لهذا الخبر قرأت كتاب الشيخ سفر الحوالي (يوم الغضب في انتفاضة رجب) وفيه إثبات ما ستتعرّض له أمريكا:
يخاطب سفر أشعياء دولة الرجس قائلاً:
((إذا صرختِِ فلتنقذك مجموعاتك لكن الريح سترفعها جميعاً والنسيم يذبّها، أمّا الذي يعتصم بي فيملك الأرض ويرث جبل قدسي)) [57: 13-14]
وفي الترجمة الأخرى:
((ولكن الريح تحملهم كلّهم تأخذهم نفخة، أما المتوكل عليّ فيملك الأرض ويرث جبل قدسي)).
ويذكرهم قائلاً:
((إذا مدّ الربّ يده عثر الناصر وسقط المنصور وفنوا كلّهم جميعاً)) [13: 3]
الناصر: أمريكا وهي بابل الجديدة، والمنصور: إسرائيل وهي دولة الرجس.
ويصف أرمياء حال بابل الجديدة قائلاً:
((كيف كسرت وحطّمت مطرقة الأرض بأسرها؟ كيف صارت بابل دهشاً عند الأمم، نصبتُ لكِ فخاً فأُخذتِ يا بابل ولم تشعري، لقد وجدتِ نقيضي عليكِ لأنك تحديتِ الرب)) [50: 23-24] أي أمريكا
ويصفها بأنها:
((اعتدّت بنفسها على الربّ...)) ويقول:
((ها أنذا عليك أيها الاعتداد بالنفس.. لأنه قد أتى يومك وقت افتقادك، سيعثر الاعتداد بالنفس ويسقط وليس أحد ينهضه وأوقد ناراً في مدنه فتلتهم كل ما حوله)) [50: 29، 31 – 32]
ومن أوصافها فيه:
أ – هي ((كأس ذهب بيد الربّ، تسكر كلّ الأرض، من خمرها شربت الأمم ولذلك فقدت رشدها)) [51: 7]
ب- ((قائمة على المياه الغزيرة)) و ((كثيرة الكنوز)) [51: 13]
ج- هي خليط من الشعوب ولذلك هم عند بداية يوم غضب الله عليها ينصح بعضهم بعضاً: ((اهجروها ولنذهب كلّ واحدٍ إلى أرضه فإنّ الحكم عليها بلغ أعلى السموات ورفع إلى الغيوم)) [51: 9]
ويذكر أشعياء أنّ العقوبة في يوم الغضب لا تختص بالرجسة وحدها بل:
((في ذلك اليوم يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم الشديد، لاوياثان الحية الهاربة، ولاوياثان الحية الملتوية ويقتل التنين الذي في البحر)).
يقول الشيخ سفر: لقد حار شراحهم في تفسير ذلك، ولكن المتأمّل في قيام رجسة الخراب يجد أن ثلاث حيات أنشأتها:
1- الحية الهاربة التي أعطت وعد بلفور وهيأت للعصابات الصهيونية ثم هربت (بريطانيا).
2- الحية الملتوية التي التفت على الأرض المقدسة وهي دولة صهيون.
3- التنين أو الحية العظمى التي في البحر -إذ في البحر حاملات طائراتها ومدمراتها لإرهاب المسلمين- وهي أمريكا!!
ويؤيد ما سبق (ص62 و 67) عن الوحش وأن التنين هو الذي يعطيه القدرة والملك.
إن الشراح البروتستانت -وإليهم تنتمي المدرسة الأصولية- يفسرون بابل بأنها الكنيسة الكاثوليكية في آخر الزمان -أي منذ بضعة قرون إلى نـزول المسيح- ويؤولون صفات بابل الجديدة الواردة آنفاً بأنها مدينة روما ويتنبأون بهلاكها.
والحقيقة أن هذا الوصف لا ينطبق على مدينة ضالة في تدينها بل هو على إمبراطورية ضالة في غطرستها وتحديها لخالقها اعتداداً بقوتها وهيمنتها، ولذلك فمن السهل علينا إثبات خطأ "بيتز" في شرح سفر الرؤيا، وذلك بذكر الصفات التي ذكرها هو نقلاً عن السفر:
أ- ((الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة التي زنى معها ملوك الأرض وسكر كل سكان الأرض من خمر زناها)) (ص245).
ب- ((المياه التي رأيت حيث الزانية جالسة هي: شعوب وجموع وأمم وألسنة)) (ص245).
ج- بعد تدميرها ((يبكي تجار الأرض وينوحون عليها لأن بضائعهم لا يشتريها أحد فيما بعد، بضائع من الذهب والفضة والحجر الكريم واللؤلؤ والبز والأرجوان والحرير والقرمز . . والعاج والخشب والنحاس والحديد والقرفة والبخور والطيب والخرد والزيت والحنطة والبهائم غنماً وخيلاً ومركبات . . . كل هذه البضائع تجارها سيقفون من بعيد من أجل خوف عذابها يبكون وينوحون، ويقولون ويل! ويل! . . . خربت في ساعة واحدة!)) (انظر: ص259-260).
إنها دولة الرفاهية والتجارة العالمية والشركات العملاقة.. فأين روما من هذا؟
ثم يقول السفر:
((رفع مَلاك واحد قوي حجراً كرَحى عظيمة ورماه في البحر قائلاً: هكذا بدفْعٍ ستُرمى بابل المدينة العظيمة ولن توجد فيما بعد)) (ص262).
ويقول:
((لأن تجارك كانوا عظماء الأرض إذ بسحرك ضلت جميع الأمم وفيها وجد دم (أتباع) أنبياء وقديسين وجميع من قتل على الأرض)) (ص263).
وحينئذٍ كما يقول السفر: تهلل الشعوب ويهلل من في السماء قائلين:
((المجد والكرامة والقدرة للرب إلهنا لأن أحكامه حق وعادلة إذ قد دان الزانية العظيمة التي أفسدت الأرض بزناها وانتقم لدم عبيده من يدها)) (ص263).
أقول: إنَّ ما سبق يؤيّد أيضًا الرؤى التي تشير إلى أنّ فتح القدس يكون بآية، فالمقصود هنا ليس الفتح ذاته بل هو سقوط أمريكا (درع إسرائيل وسندها) وهذا مقدّمة الفتح، أمَّا الفتح ذاته فالرؤى تشير إلى كون بعض الفاتحين من جزيرة العرب.
وأودّ هنا التنبيه على خطأ بسيط وقع فيه الشيخ سفر في كتابه؛ وهو أنَّ قيام رجسة الخراب هو بعد 2300 عام من ظهور الاسكندر على آسيا، حيث خلط بين خبرين من الأسفار هما:
((إلى ألفين وثلاث مائة صباح ومساء فيتبرأ القدس)) أو ((إلى ألفين وثلاث مائة مساء وصباح ثم تُردّ إلى القدس حقوقه)) والخبر الثاني: ((من وقت إزالة المحرقة الدائمة وإقامة شناعة الخراب 1290 يومًا، طوبى لمن ينتظر ويبلغ 1335)) وكل يوم هنا بسنة.
فالألف وثلاثمائة هي إلى تحرير القدس لا احتلالها، وفي الخبر الثاني (طوبى لمن ينتظر ويبلغ 1335) أي بعد 45 عامًا من قيام شناعة الخراب (دولة إسرائيل) وليس من احتلالها القدس، أي من عام 1948، وهذا يوافق عام 1991 تقريبًا، لأنَّ الـ 45 هي بالسنوات القمرية وليس الشمسية، وهذا التاريخ يوافق تقريبًا بداية الفتنة الرابعة بناءً على ما سبقت الإشارة إليه في الموضوع السابق، ولا أدري ما المقصود بهذا الخبر، والله تعالى أعلم.