الحور العِين والجِنان والجحيم
الحوراء: هي المرأة الشابَّة الحسناء الجميلة البيضاء كلون اللؤلؤ المكنون مع حمرة كالمرجان صافية اللون كالياقوت يحار فيها البصر من رقَّة الجلد وصفائه، يرَى زوجها وجهه في خدّها أصفَى من المرآة كما ترَى وجهها في خدّه، واسعة العين مع حوَرٍ فيهما، لو اطلعت على الدنيا لَملأت ما بين السماء والأرض ريحًا وضياء، عليها التيجان وسبعون حلَّة ينفذها بصر زوجها حتَّى يرَى مخَّ ساقها من وراء ذلك ومن وراء اللحم والعظم كما يرَى الشراب الأحمر من الزجاجة البيضاء، تغنِّي بصوت لم تسمع الخلائق بمثله تقول هي وأترابها: نحن الخالدات فلا نبيد، ونحن الناعمات فلا نبأس، ونحن الراضيات فلا نسخط، طُوبَى لمن كان لنا وكنَّا له، ويقلن: نحن الخيرات الحسان، أزواج قومٍ كرام، ينظرون بقُرَّة أعيان.
والجَنَّة: ترابها المسك والزعفران وحصيّها اللؤلؤ والياقوت وقصورها من ذهبٍ وفضَّة وخيامها وقبابها اللؤلؤ وأشجارها كثيفة سيقانها من ذهب وظلالها ممدودة وفواكهها دائمة بلا جوع ولا عطش ولا مرض، تتدفَّق فيها الأنهار وتتفجَّر فيها العيون، ولباسهم وحليِّهم وفرشهم وأثاثهم وآنيتهم من سندس وإستبرق وذهب وفضَّة ودرّ وياقوت، ويطوف عليهم خدمٌ وِلدانٌ مخلَّدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤًا منثورًا من شدَّة جمالهم وبهائهم وصفائهم وكثرتهم يطوفون عليهم بالأطعمة والأشربة وما يشتهون، لا يرون فيها شمسًا ولا زمهريرا، ولا يرون ولا يسمعون شيئًا يسوؤهم، وإذا رأيت ثَمَّ رأيت نعيمًا وملكًا كبيرا في سلامٍ خالص ولذَّةٍ دائمة وشبابٍ وجمالٍ أبديّ.
} أذلك خيرٌ نزلاً أم شجرة الزقُّوم؟ { {لو أنَّ قطرةً من الزقُّوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن تكون طعامه؟}(صحيح الجامع) } إنَّها شجرةٌ تخرج في أصل الجحيم، طلعها كأنَّه رؤوس الشياطين، فإنَّهم لآكلون منها فمالئون منها البطون، ثمَّ إنَّ لهم عليها لَشَوبًا من حميم، ثمَّ إنَّ مرجعهم لإلى الجحيم {(64-68 الصافات) وقُطِّعت لهم ثيابٌ من نارٍ ونحاسٍ مذاب ويُصَبُّ من فوق رؤوسهم الحميم فيصهر جلودهم وما في البطون ولهم مقامع من حديد يُضرَبون بها، فيبكون الدموع حتَّى تنقطع ثمَّ يبكون الدم ويصيحون ويصرخون من شدَّة العذاب والهول الرهيب.
هذا حال الفاسقين والكافرين ومنهم تارك الصلاة وجاحد الزكاة. هل أمسكت قِدرًا فيه ماءٌ يغلي؟ وهل أدخلت يدك في ماءٍ يغلي؟ وهل داست قدمك على جمرٍ مشتعل؟ فكيف لو كان أشدّ حرارة بسبعين ضعفًا؟ هل يرضيك البقاء في مثل هذا العذاب لحظة واحدة؟ ما أكثر الذين يسيرون في طريقٍ يقودهم إلى أكثر من هذا، نسأل الله العافية والسلامة.