حسن البنا: (1906-1949م)
كانت صلة الأستاذ البنا بفلسطين مبكرة جدًّا يوم أن كان الحاج أمين الحسيني طالباً في القاهرة؛ إذ كانت الصلة وثيقة بينه وبين الأستاذ البنا فكانا يتجاذبان أطراف الحديث عن فلسطين.
كان الناس في مصر في ذلك الوقت يجهلون أن هناك بلداً اسمه فلسطين، وأن هذا البلد بجوارهم أقرب إلى القاهرة من أسوان؛ فشرع الإمام يرسل شباب الإخوان في مساجد القاهرة والمحافظات يحدثون الناس عن ظلم الإنجليز وبطشهم وتآمرهم على أهل فلسطين، ثم دعا بعد ذلك إلى مقاطعة المجلات اليهودية في القاهرة، فطبع قائمة كشوف بأسماء هذه المجلات وعناوينها، والأسماء الحقيقية لأصحابها وذيلت الكشوف بعبارة "إن القرش الذي تدفعه لمجلة من هذه المجلات، إنما تضعه في جيب يهود فلسطين ليشتروا به سلاحاً يقتلون به إخوانك المسلمين في فلسطين".
ولقد استطاع الأستاذ البنا أن يتجاوز بنشاطه الإعلامي للقضية الفلسطينية حدود مصر فدعا إلى عقد أول مؤتمر عربي من أجل نصرة فلسطين، ووجه الدعوات إلى رجالات البلاد العربية، فلبوا النداء.
ولم يغفل الإمام الجانب المالي في الحركة الجهادية الفلسطينية وحاجتها إليه؛ ولهذا نشط في جمع التبرعات لها، ومن الوسائل البديعة التي ابتكرها إصدار طابع بقيمة قرش وتوزيعه على الناس.
ومع حرصه على أن تصل قضية هذا الشعب المتآمر عليه وعلى أرضه إلى جميع المسؤولين في مصر وخارجها.. آمن بأن القوة أضمن طريق لإحقاق الحق فلا بد للحق من قوة تحميه، ومن هنا بدأ البنا بإرسال شباب الإخوان من مصر إلى فلسطين في بداية الثلاثينيات خلسة، حيث تسللوا من شمال فلسطين وعملوا مع المجاهد عز الدين القسام وأبلوا معه بلاءً حسناً، ودخل قسم من المجاهدين من الإخوان تحت قيادة الجيوش العربية التابعة لجامعة الدول العربية، وبلغ مجموع الإخوان المسلمين الذين استطاعوا أن يدخلوا أرض فلسطين بشتى الوسائل 10 آلاف مجاهد، وقاموا بنسف مقر قيادة اليهود في صور باهرة، وأبلوا بلاءً حسنًا في مدينة الفالوجة.
بعد قضية تزويد الجيش المصري بأسلحة فاسدة، تيقن البنا من عدم جدية الدول العربية في القتال، وأنها تخضع لرغبات الدول الاستعمارية وقال حينها: إن الطريق طويل والمعركة الكبرى معركة الإسلام التي ربينا لها هذا الشباب لا تزال أمامه، أما إسرائيل فستقوم، وستظل قائمة إلى أن يبطلها الإسلام.
وقاد بعدها الإمام مظاهرة في مصر خرج فيها نصف مليون شخص في عام 1947 -قبل استشهاده بسنتين- ووقف فيهم خطيباً وقال: