وضوع: السلام عليكم.......قصة وعبرة
... و هذه النبوءة هى بصراحة و وضوح عن اهل فلـسطين و مقاومتهم و انتفاضتهم و صمودهم و بطولتـهم منقـطـعة النظير..
يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما رواه الامام احمد فى مسنده عن ابى أمامة :
" لا تزال طائفة من امتى ظاهرين على عدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم ـــ
و فى رواية أخرى أو من خذلهم ـــ و لا ما أصابهم من لأواء حتى يأتى أمر
الله و هم كذلك ، قالوا يا رسول الله و اين هم ، قال : فى بيت المقدس و
اكناف بيت المقدس ".
قرأت هذا الحديث الشريف ، و كررت قراءته ، و اخذتنى الدهشة و العجب ، و
كأن رسول الله قد كشفت عنه حجب الغيب ، فرأى شعب فلسطين اليوم فى انتفاضته
الثانيه ، و قبلها الاولى ، و فى سنوات جهاده الطويلة و الممتدة حتى يقضى
الله أمرا كان مفعولا ، أو حتى يأتى أمر الله حسب نص حديث الرسول عليه
الصلاة و السلام .
ان الرسول يحدد مكان هذه الطائفة بأنها فى بيت المقدس و اكناف بيت المقدس
، و هل تكون هذه الطائفة بـهذا التـحديد سوى شـعب فلسـطين و انـتفاضته و
مقاومته ، و مقاتـليه و استـشهادييه ، و رجـاله
و نسائه و اطفاله ، و احيائه و شوارعه ، و ريفه و حضره ... ؟! بالقطع و بالتأكيد ، ليست تلك الطائفة
التى تنبأ بها رسول الله سوى شعب فلسطين ، الأمر الذى يؤوله و يفسره و يصدقه الواقع الذى تشهده ارض فلسطين و ما حولها ...
ان ما تشهده ارض فلسطين من صمود شعبها و تضحياته ، و استهانته بالصعاب ، و
اقباله على الموت ... لا يفسره ولا يصفه الوصف الدقيق سوى هذا الحديث
لرسول الله عليه الصلاة و السلام ...
و لسنا فى حاجه بالطبع لتوضيح انطباق جمل هذا الحديث على شعب فلسطين و
جهادة العظيم ، سواء على صموده و ظهوره و قهره لعدوه ، و ان كانت ظواهر
الأمور لا تقطع أحيانا بهذا الظهور و القـهر للعدو ، رغم ان العدو نفسه
يعترف بذلك ، أو سواء ما ورد فى الحديث من أن هذا الشعب لا يضره من خالفه
و فى رواية من خذله ، و هو ما نشهده من المخالفة و الخذلان الكلى أو
الجزئى من جانب العرب
و المسلمين لاخوتهم فى فلسطين ، أو سواء ما ورد فى الحديث من أن هذا الشعب
و هذه الطائفة لا يضرهم ما اصابهم من لأواء أى البلاء ..و اذا وصلنا الى
اللأواء و البلاء الذى يصيب شعب فلسطين على يد الصهاينة الملاعين ،فحدث
عنه و لا حرج ، فليس مثله بلاء ، و ليست مثله لأواء ، من القتل و التعذيب
و الاغتيال و الاعدام و الطرد و التشريد و هدم القرى و الاستيلاء على
الأرض و نسف البيوت و تجريف الأراضى الزراعية و قطع الأشجار و هدم المساجد
و قطع الطرق و اقامة الحواجز و تدمير مصادر الرزق و ضرب أو نسف البنية
التحتية لهذا الشعب المجاهد ، و ما يجعل الحياة شبه مستحيلة ، لولا بقية
من صبر و صمود لشعب فلسطين العظيم ... هذا البلاء الكبير أو اللأواء لا
تضر هذا الشعب المجاهد كما
يقول الحديث الشريف ، أى لا تفت فى عضده ، و لا تكسر ارادته ، و لا تدفعه الى الوقوف فى منتصف الطريق ....
نعم، تلك حقيقة شعب فلسطين المجاهد كما يصفها الحديث الشريف ، و كما ينطق
بذلك الواقع المشاهد و المعاش ..... و هناك مئات الأمثلة التى تؤكد ذلك و
تصدقه ، من الصبية الذين يتحدون الدبابات و يهاجمونها بصدورهم العارية و
بالأحجار فى ايديهم ، و من الشباب الاستشهادى و الفتيات الاستشهاديات ، و
الذين يكتبون و يكتبن فى وصاياهم كلاما تتصاغر أمامه الجبال ، و تنحنى له
هامة التاريخ ، و تستضئ به صفحات البطولة و الاقدام ، و من الأمهات و
الآباء الذين يطلبون تهنئتهم لا تعزيتهم عند استشهاد ابنائهم أو بناتهم ،
و من قادة الجهاد و المنظمات الفلسطينية و الجهادية الذين يعلنون فى
تصريحاتهم مواقفهم الصامدة و الشامخة و يرفضون أى محاولة للالتفاف على
الانتفاضة أو اجهاضها و الذين يقول أحدهم فى ايمان و يقين :
" ان كان هناك شىء اخشاه فهو ألا انال الشهادة " ...
المجال هـنا لا يتسع لضرب هـذه الأمـثلة ... و لكن الأمر الواضح و المؤكد أن شعـب فلسـطين
و انتفاضته المباركه قد شبت عن الطوق ، و ان ما تحدث به البعض عن اضرار
الانتفاضة بشعب فلسطين و قضيته هو محض هراء ، و أن من الضرورى أن تعود
الانتفاضة الى الحجر فقط و عدم عسكرة الانـتفاضة حسب تعبيرهـم هو كلام
ساقط و متخاذل .... و هو طعنة فى الظهر لشـعب فلسطين
و انتفاضته العظيمة .... اننا نذكر هنا شعب الجزائر، و هو شعب عربى مسلم
كشعب فلسطين ، و الذى ضحى بمليون و نصف مليون شهيد قبل أن يحقق حريته و
ينتزع استقلاله من براثن الاستعمار الفرنسى الأطلسى الصليبى ... و لقد كان
قادة الثورة الجزائرية فى سنوات الـثورة التى امـتدت الى سـبع سـنوات
و نصف ، كانوا يقولون : انـهم كانوا كلما طال عليـهم طريق الجهاد ، و كلما احـس البعض بالتـعب ،
و كلما فكر البعض فى قبول انصاف الحلول ، أو الوقوف فى منتصف الصريق ،
كانوا يلجأون الى استفتاء شعبهم فى هذا الأمر ، و كانوا كما أكدوا لى خلال
سنوات الثورة ، كانوا يفاجأون بأن شعبهم الذى يقع عليه العبء كله ، و الذى
يعانى وحشية و ظلم الاستعمار و جرائمه التى لا تتوقف عند حد ، كان هذا
الشعب يصر بالاجماع على مواصلة طريق الجهاد ، و كانت المرأة العجوز فى
جبال الجزائر تقول بالحرف : " لا ، علينا أن نواصل الجهاد و لوفنى الشعب
الجزائرى كله ، و سنقاتلهم حتى آخر قطرة دم ... و اذا فنينا عن آخرنا
فسـتقاتـلهم جبال الجزائر و احجارها و اشجارها ، و ذلك حتى نحـقق حريتنا
و استقلالنا "...
ان علينا فى هذه المرحله الحساسة و الحاسمة من مراحل الانتفاضة أن نحذر
الداعين الى التوقف فى منتصف الطريق ، و الذين يستخدمون عبارات و مسميات
براقة و خادعة ، كعدم عسكرة الانتفاضة
و غير ذلك ، و هل العسكرة التى يريدون ايقافها الا الجهاد و الاستشهاد
الذى هو فريضة ماضية الى يوم القيامة ، لا يوقفه عدل عادل و لا جور جائر
... و لقد كنت أسمع من الأمير عبد الكريم الخطابى بطل حرب الريف ما يعد من
هذا القبيل ، و ما يحذر فيه من الوقوف عند الاصطلاحات و المسميات التى
تخفى وراءها امورا اخرى ، و كان رحمه الله يرفض الوقوف عند مسمى الاستقلال
، و يطالب بالجلاء ، لأنه هو دليل التحرر الحقيقى ، و ليس مجرد الاستقلال
الذى قد يرفرف فيه علم ، و يقبع تحته احتلال عسكرى و اقتصادى و ثقافى ...
أخيرا ليمض شعب فلسطين فى انتفاضته و جهاده و صموده العظيم ، هذا الصمود و
هذه البطولة و التضحية غير المسبوقة و غير الملحوقة كذلك ، و كما يؤكد ذلك
الفريق سعد الدين الشاذلى بطل حرب اكتوبر 1973 ، و الذى علق على القول بأن
بطولة شعب فلسطين غـير مسبوقة بمستواها المعروف بقوله :" فعلا ، هذه
العمليات الاستشهادية لشعب فلسطين لم يسبقها مثيل لها ، و حتى فى العدد ،
فعمليات الكاميكاز اليابانية هى حوالى اثنتى عشر عملية ، بينما العمليات
الاستشهادية فى فلسطين هى حتى الان بالعشرات ، و قد تصل الى المئات " ...
اجل ، فليمض شعب فلسطين فى صموده و جهاده ، و ليمض فيما يصدق نبوءة رسول الله عنه ،
و حتى تصدق عليه كـذلك كلمة الامام الخـمينى " غلب الدم الـسيف " و قـد صـدقت فيه حتى الان ،
و حتى يأتى أمر الله و كما قال الرسـول فى نبوءته ، و لن يكون هـذا الأمر ان شاء الله سـوى النصـر ،
و انهيار الصهاينة اللئام ، ثم فى النهاية تحرير الأرض المقدسة ، فلسطين ، بيت المقدس و اكناف بيت المقدس .