مستقبل الطفل العربي في القرن 21
ما زال الطفل العربي يفتقر إلى العديد من المزايا التي يتمتع بها أقرانه في الدول الأخر. وفي مقدمتها تقدير طفولته واحترامها، والإيمان الصادق بحاجاته الحياتية والتنموية وإمكاناته الواسعة والكبيرة .فلا يكفي أن نسنّ القوانين ونوقّع على المعاهدات والمواثيق، إذا لم نكن مؤمنين أساساً، بأن أطفال الوطن هم بدرجة أولى عدتنا الرئيسية للتغيير، وبالتالي فلهم علينا توفير الظروف والفرص والأدوات كافة الكفيلة بإعدادهم إعداداً يتناسب مع الهدف المعقود عليهم، إنطلاقاً من لحظة الإقدام على مشروع الإنجاب ومروراً . بكل محطات الحمل والوضع والتغذية والنمو والتعليم والتخرّج والعمل. وهذه المسؤوليات الجسام، التي تتعدى مفهوم الغذاء والصحة والتعليم، مطلوبة ومتوجبة على جميع العناصر التي تتعاطى مع الطفل ابتداء من الأبوين والأسرة العائلية إلى المجتمع والمدرسة والدولة (1).
صدر في بداية العام 2008 عن الدار المصرية اللبنانية؛ الطبعة الأولى من كتاب (مستقبل ثقافة الطفل العربي .. رصيد الواقع ورؤى الغد) للمؤلف الدكتور حسن شحاتة ، والكتاب يقع في 359 صفحة من القطع المتوسط، مما لاشك فيه أن ثقافة الطفل العربي - مسعى هذا الكتاب - تقف الآن بين مفترق طرق والمؤلف يترسم ملامح هذه الثقافة ، في محاولة جيدة لتحديد مستقبلها واستشراف ما يمكن أن يكون عليه شكل هذا المستقبل .. يتناول المؤلف - خلال ستة فصول - رافد الثقافة العلمية المقدمة للطفل آنيا ومستقبلا ، ثم رافد المناهج التعليمية وما يمكن أن يستقي منه ثقافيا .. ويحدد الفارق بين الإيداع والإبداع على المستوى الثقافي .. كما يبين دور الخيال والدراما فى تثقيف الأطفال وكيف يمكن أن تكون القراءة معبرا إلى الثقافة في عصر المعلوماتية والإنترنت .. ثم يختتم الكتاب بتحليل ضاف لثقافة الذات والآخر ، مدعوما باستعراض لبعض نماذج من دول عربية في أعمال متفرقات.
يقول عالم المستقبليات المغربي الدكتور المهدي المنجرة: "من دون رؤية لا يمكنك أن تبني إستراتيجية ومن دون إستراتيجية لا يمكنك أن تبني سياسة ومن دون سياسة لا يمكنك أن تتقدم في أي ميدان من ميادين الحياة" (2).
الطفل العربي والغذاء:
يقول الدكتور فايز نايف القنطار – الأستاذ المشارك في التربية بالجامعة العربية المفتوحة فرع الكويت: "يعد تدريب الأطفال على العادات الصحيحة، في مختلف ميادين الحياة، من أهم وظائف الأسرة، وكلما كانت هذه العادات سليمة، نشأ الطفل سليماً معافى جسمياً ونفسياً. ذلك لأن الصحة الجسمية تعتمد إلى حد بعيد على الصحة النفسية وعلى العادات التي تعودها الفرد منذ الطفولة. إلا أن تعليم الأطفال مثل هذه العادات، خصوصاً فيما يتعلق بالتغذية، ليس بالأمر السهل" (3).
الطفل العربي والتعلم:
تذكر الدكتورة سلمى الصعيدي –خبيرة بمركز تطوير المناهج بمصر: "إذا كانت أكثر شكاوى العملية التعليمية تردداً هي تكدس الفصول بالتلاميذ، فعندما نذهب إلى دور السينما – على سبيل المثال – نجلس في قاعة تحوي مئات المشاهدين من مختلف الأعمار ومع ذلك يتابعون الفيلم بتركيز، ويتفاعلون معه، مما يعني أن كثرة العدد ليست هي المشكلة، وأن السر يكمن في التشويق.. والألوان. ومع توافر التكنولوجيا الحديثة في مدارسنا اليوم، مثل التلفاز، والبروجكتور، والحواسب بما تحتويه من برامج توفر سهولة التعامل مع الألوان مثل برامج الفوتوشوب، وغيرها" (4).
تربية الطفل العربي بين الماضي والحاضر:
ترى أستاذة علم النفس في الجامعة اللبنانية الدكتور كرئستين نصار، أنه: "في غمرة الاضطراب السائد على الأجواء العالمية، حيث تسود العولمة، وحيث أصبح العالم بأسره عبارة عن قرية صغيرة يتأثر كل من فيها بأية صغيرة أو كبيرة تحدث ضمن إطارها، يجد الأهل، المربي بشكل عام، صعوبة متزايدة في تربية الطفل، راشد المستقبل؛ فلقد تغير مفهوم "براءة الطفولة" المعتبرة كفردوس أرضي مستقل عن مشاغل الحياة ومتاعبها، ليصبح مفهوماً ديناميكيا متطوراً تختلف مقوماته باختلاف مرحلة العمر، التي يمر بها الإنسان، ككائن بشري: فالمقومات أصبحت، اليوم، إعدادية – تدريبية بعد أن كانت حدسية – تلقائية، ولابد للمربي المعاصر من احترامها إن شاء تأمين الإطار التربوي اللازم للطفل كي يصبح كائناً اجتماعياً" (5).